التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تعقيب على مقال: نبي المثقفين



أود في البداية أن أوجه التحية للسيد صالح البلوشي، الذي نقل المقال لصفحته على الفيس بوك، والشكر كذلك للسيد أنور السناني الذي نقل المقال لموقع الحارة العُمانية. أما ما أُثير من ملاحظات حول المقال من بعض السادة الأصدقاء وأصدقاء الأصدقاء، فهو محل التقدير والاحترام.

أولاً: ملاحظات السيد [ ريكس ]: يقول السيد ريكس بأن هلال فــي مقاله يـود أن يقول بعض الأمــور فهو:
1-    يريد أن يحذوا حذو الآخرين .
2-     يضع طرابيشي شماعة لتصفية الحسابات.
3-    كتب مقالاً باهتاً وأصماً .
4-    يود السيد ريكس أن لا يتعب هلال نفسه، وعليه أن يفتح بعض القنوات التي تبث أخبار السينمائيين لكي يعلم بأن مسألة التصوير والتوقيع أمرٌ عادي للغاية.
5-    وأنه يجب عليه أن يهتم بتقوية معلوماته في مسألة ربط الأفكار والجمل ولا يقحم الشيء هكذا .
6-    وبأن المقال وقع في صيغة التعميم وهذا إسقاط .
7-    وأخيراً بأن الخاتمة مترنحة.

أجد أن ملاحظات السيد [ ريكس ] مهمةٌ للغاية، رغم الانفعال الظاهر عليها وما تحويه من صيغ اتهامية، وليسمح لي بأن يكون ردي واستفساراتي متسلسلةً وفقاً لترتب النقاط أعلاه:
1-    من هم الآخرين الذين تقصدهم ؟ ألا ترى تعميماً في جملتك هذه ؟
2-    تصفية الحسابات مع من ؟ أجده رداً يحوي تعميماً هو الآخر  !
3-   أحترم وجهة نظرك، ولتعتبرني أحد حوارييّك ومقتفي أثرك الصغار .
4-    أشكرك على النصيحة، وأنا أقبلها، ولعلك لاحظت بأني في المقال ذكرت هذه الفقرة أيضاً [كما يقفز إلى الذهن ولع الشباب بالمطربين وحرصهم على التصوير معهم ومصافحتهم وأخذ توقيعهم، والحديث ولو لدقيقة معهم ومتابعة شئون حياتهم الخاصة ..]، وهي تدل بأني على إطلاعٍ مسبق بما تفضلت وذكرته .
5-    أشكرك مجدداً على النصيحة، وأنا أقبلها، وأحيلك إلى هذه الفقرة من المقال المتواضع [قد يقول قائل وماذا في ذلك كله؟ والإجابة تكمن أن المثقفين دائماً ما ينتقدون انقياد عوام الناس لمثل التصرفات المذكورة أعلاه لدى تعاملهم مع الشخصيات التي تتمتع بحس الكاريزما سواء أكانوا سلاطين أو رجال دين أو ثروة أو شهرة، وأن الإنسان يجب أن ينظر إلى ما ينتجه أو يقدمه الشخص لا إلى الشخص نفسه .. ]، وأطلب منك تلطفاً إن كان لديك أمثلةً أخرى تجدها أكثر منطقيةً وربطاً بين الأفكار والجمل أن تدرجها، حتى أستفيد منها مع بقية الأصدقاء .
6-    استميحك عذراً سيدي الكريم ريكس، فالمقال قد يبدو عنوانه للوهلة الأولى تعميماً، لكن لو قرأت تفاصيله بتمعن، ولا أظنك إلا كذلك، لعرفت أني قد حصرتهم فيمن توافرت فيه صفة الانبهار و مارس تلك الأفعال دون سواها، وسلّم عقله لغيره سواء أكان جورج طرابيشي أو غيره من دون مزيدٍ من البحث والتحري .
7-    أحترم وجهة نظرك حول الخاتمة، لكنها ضبطٌ وتفريقٌ ضروري بين من يحضر ويحاور ليستفيد، وبين من يحضر ويحاور منبهراً مصوراً موقعاً مسلماً ..تقبل في الختام تحيتي القلبية راجياً أن لا أكون قد أثقلت عليك بطول ردي ..

ثانياً: رد السيد صالح البلوشي،
أشكرك مجدداً على تعقيبك، وأجد من الضرورة بمكان أن أرقم أفكارك كما في ردي أعلاه على السيد ريكس، فأنت تقول بأنك :
1-     تشرفت بلقاء جورج طرابيشي والتصوير معه .
2-    وتشرفت باستقباله وتوديعه والجلوس معه ساعات طويلة، سواءً في الفندق الذي أقام به، أو دعوات العشاء أو الغداء التي أقيمت على شرفه .
3-    وكان ذلك بمعية [ بعض أصحاب المعالي والسعادة وبعض المثقفين العمانيين والعرب ] .
4-    وتعتبره أعظم مفكري العرب في العصر الحديث .
5-    وتعتقد جازماً أن التصوير معه ومصافحته وأخذ توقيعه هو توثيقٌ للزيارة .
6-    وبأن استقباله في المطار هو من باب الاحتفاء بزيارته .
7-    وبأن الجلوس معه هو لمناقشته في الآراء التي عرضها في كتابه .

صديقي العزيز صالح البلوشي، لولا أنني على اطلاعٍ متواضع بجهودك الخيّرة في تنظيم زيارة السيد جورج طرابيشي للبلد، ومرافقته أثناء مكوثه في السلطنة ضيفاً عزيزاً عليها، لقلت بأن ردك ناضحٌ بـ [ بنرجسية الأنا ] لحدٍ لا يمكن إخفائه ..ولذلك لا أرى ردك في جزئه الأول سوى عرضاً لجهدك الخير الذي تقدم وذكرته، وأنا شخصياً أشكرك من كل قلبي على تقديمك مثل هذه الشخصيات العميقة فكرياً لشباب السلطنة .. وأجزم أنني منهم ..
واسمح لي، أن اتحفظ على الجزء الثاني من ردك الذي ذكرت فيه بأنك تعتقد جازماً بأن [ تصوير ومصافحة وأخذ توقيع جورج والجلوس معه لساعات طويلة! هو من باب التوثيق والاحتفاء ] فنفس هذه الحجج يمكن أن يستخدمها محبي رجال الدين أو علماء الدين [ سأتجنب ذكر سماحة المفتي آملاً من السيد ريكس أن لا يتهمني بالتعميم ] ..وكذلك محبي مشاهير الغناء والطرب والفن بأنواعه وأشكاله، فهم يأخذون صورهم بهواتفهم الجوالة ويصافحونهم ويأخذون تواقيعهم ويجلسون معهم لساعات طويلة لأغراض التوثيق والإحتفاء !! أليس كذلك ! إذا سلمت يا صديقي لهؤلاء بحجتهم سأسلم لك بحجتك ^_^
           
ثالثاً: السيد يحيى الراهب،
أشكرك أيها السيد الرفيق على المداخلة الرقيقة، ولا شك أن شخصاً ثري المعرفة كجوروج طرابيشي لا يُمل من الاغتراف من بحر علمه، مع ملاحظة أني لم أنتقد جورج ولكن الأشخاص الذين يقومون بأفعال أقرب إلى القداسة منه إلى التعلم من شخصه الكريم .. دمت ألقاً أيها الراهب .

رابعاً: السيد النفسي ناصر الكندي،
رفيق دربـي فـي الشك والتحليل والمعرفـة، اسمـح لـي أن أُبدي اعجابي وتقديري العميق بقدراتك اللغويـة والذهنية على [ خطف ] ذهن القارئ بلطف حرفك ورشاقته وتوجيه استيعابه إلى الأماكن التي تنشدها، مع غير إدراك منه للرمال التي تبدو لي متحركة له كقارئ ولي كمحاور..التي يبدو من الممكن أن نغرق فيها نحن الإثنين أنا والقارئ ! واسمح لي أن أبدي أعتراضاً أولياً شكلياً على محاولتك شيطنة ذهن القارئ على الكاتـب، بـأن تصور لـه – بكل لطف- بــأن الكاتـب [ ضد جورج طرابيشي ] فكراً أو شخصاً، وهذا واضحٌ للغاية في عبارتك [ يبدو انك تريد ان تحذو حذو من وصفته نبيا في قتل الاب وتقديسه،، فطرابيشي كذلك كان ابنا لعدة آباء ،، منهم الاب الواقعي والباقي هم الآباء الدينيون والفكريون والفلسفيون ] وكذلك تقول [ أما عدم تقديرهم فهو النرجسية العمياء بعينها ].. فأنا أيها الرائع لم ولا يبدو علي شيئاً من ذلك، ولو لاحظت- ولا أعتقد أنك إلا كذلك- أن مقالي لم يكن منصباً على فكر وشخص جورج طرابيشي، ولكن على الأطراف المقابلة له ..واسمح لي ثانياً أن أبدي اعتراضاً منهجياً على مداخلتك، فأنت تجعل من طرابيشي ابناً – في مراحل لا تبينها سابقة أو لاحقة ولكن يبدو من مجريات حديثك أنها سابقة- عدة آباء..وأنا أرى أن جورج طرابيشي لم يكن له أباء بقدر ما كان له أماً واحدة، هي المعرفة، فهو كابن السيدة العذراء التي افتتحت بها مداخلتك، لا أب له، بدليل سعيه الحثيث لنقض أبوة الجابري الفلسفية – إن كنت تعتبر الجابري له اباً، وسيكون سروري عظيماً لو ذكرت لي بعض أبائه يا صديقي - . وفي الختام تضع هذه العبارة [ تخيل أنك تحاول أن تخلق شخصيات مستقلة فكرياً، ولكنها في نفس الوقت لا تقرأ شيئاً ليصيروا هم كذلك أنبياء، وبالتالي إذا أصبحنا كلنا أنباء فكيف سنستمع لغيرنا ؟ ] هل المستقل فكرياً لا يستمع لغيره؟ أو لنقل هل الأنبياء لا يستمعون لغيرهم ؟ أعتقد أنه استنتاج مجحف قليلاً بحق الأنبياء .. على الأقل الجدد منهم ^_^ ..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

برتراند راسل: ما الذي عشت من أجله؟

الصديق بهاء أبو زيد يُترجم لنا مقطعاً مضافاً لبرتراند راسل وهو في عُمر 84 عاماً، إلى الطبعة الجديدة من سيرته الذاتية، فلنقرأ ما كتب وتُرجم عنه: ثلاثة مشاعر، بسيطة لكنها غامرة بقوة، تحكمت في حياتي: اللهفة للحب، البحث عن المعرفة، والشفقة التي لا تطاق لمعاناة البشر. هذه المشاعر، مثل العواصف العظيمة، عصفت بي هنا وهناك، في مسار صعب المراس، على محيط عميق من الكرب، يصل إلى حافة اليأس البعيدة. سعيت للحب، أولًا، لأنه يأتي بالبهجة الشديدة – والبهجة شيء عظيم لدرجة أنني مستعد أن أضحى بباقي عمري من أجل ساعات قليلة من هذه السعادة. سعيت إليه، ثانيًا، لأنه يخفف الوحدة – هذه الوحدة الشنيعة التي تجعل الوعي المرتعش للشخص ينظر من على حافة العالم إلى الجحيم البارد المبهم الخالي من الحياة. سعيت إليه، أخيرًا، لأنه بالتوحد مع الحب رأيت، بصورة صوفية، الرؤية المتنبئة للجنة التي تخيلها القديسين والشعراء. هذا ما كنت أسعى إليه وبرغم أنه ربما يبدو جيدًا جدًا بالنسبة لحياة بشرية، هذا هو ما وجدته، أخيرًا. بشغف مساوي سعيت إلى المعرفة. تمنيت أن أفهم قلوب البشر. تمنيت أن أعرف لماذا تلمع النجوم. وحاولت أن أ

في وداع مجلس الشورى

 تمضي أعمارنا كومضات. في 1 أغسطس 2005م بدأت أول يوم عمل لي في مجلس الشورى. لقد كانت البداية ، كعادة البدايات، متحمسة. طُلب من أحد الموظفين المتمكنين، والذي سيصبح مديراً لي في بعض السنوات، أن يصطحبنا نحن الذين كنا نُعرف - وقتها- بالموظفين الجدد، في جولة عامة لأقسام المجلس. ببعد نظره كان يحذرنا من الحماسة البالغة التي قد تنتهي بنا إلى خيبات أملٍ وطرقٍ مسدودة، وهو الأمر الذي خبرناه في سنواتٍ لاحقة من حياتنا الوظيفية. بالنسبة لي، كان العمل في مجلس الشورى مدرسة حياتية متكاملة، فقد ساقتني الأقدار للعمل في تقسيماتٍ إدارية مختلفة بالمجلس، فمن اللجان باجتماعاتها المملة غالباً والمثرية أحيانا، إلى شعبة العلاقات الخارجية حيث تطغى الكلمات المحسوبة على المنفلتة، والمجاملات على المصارحات، والسفر على الإقامة،  مروراً بدائرة الشؤون القانونية، التي علمتنا كيف نمشي على حبلٍ مشدود تعلوه السماء وتقبع تحته هوةٌ سحيقة، ونهاية بالأمانة العامة المساعدة للجلسات والدعم البرلماني، حيث تتضح بيادق رقعة الشطرنج في داخل المجلس وخارجه. لقد كان من المُسلي، والمُحزن في نفس الوقت، على امتداد الأيام والأشهر والسنوات، مشا

إصدار جديد للدكتورة فاطمة الشيدي

صدر عن دار نينوى للدراسات والنشر كتاب [ المعنى خارج النص، أثر السياق في تحديد دلالات الخطاب ] للدكتورة فاطمة الشيدي، ومن المتوقع أن يعرض الكتاب بشكلٍ رسمي في معرض مسقط الدولي للكتاب المزمع عقده في نهاية شهر فبراير القادم، جديرٌ بالذكر أن هذا العمل هو الأول في النقد الأدبي للدكتورة، بعد عملها الروائي [ حفلة الموت ] .